الأفكار والمعتقدات وكيفية تغييرها
كل فكرة تروادنا ينتج عنها شعور وكل شعور ينتج عنه ردة فعل، ردة الفعل هذه هي عبارة عن الأفعال التي نقوم بها و القرارات والخيارات التي نتخذها يوميا ًوالتي من خلالها نحدد مسار حياتنا فإذا كنت ترى إن حياتك لا تسير على مايرام أو إنها ليست الحياة التي تتمناها فابحث جيداً عن الجذور التي تغذي مشاعرك ..
هذه الجذور هي الافكار والاعتقادات التي تؤمن بها وتتبناها في حياتك والتي تنبع من (الإيجو) الشخصية التي خلقتها لنفسك مع مرور الوقت، فإذا بحثت داخل شخص مشاعره منخفضة ستجد إنه يتبنى الكثير من الأفكار والقناعات السلبية تجاه الحياة .. سيخبرك إن الحياة دائماً تعاكسه وإن الفرح لا يكتمل معه وسيجلب لك الكثير من الأمثلة حول ذلك ليقوم بإقناعك بما يراه حقيقة ثابتة ولا يمكن تغييرها وهي فعلاً حقيقة ولكن بالنسبة له فقط فعندما آمن بها وصدقها أصبحت واقع حياته ولو إنه تبنى فكرة ثانية أو غيَّر نظرته للصورة ككل لحصل بالتأكيد على نتائج مختلفة ولهذا أحياناً قد نجد نفس الموقف يحدث لشخصين مختلفين فينهار أحدهما ويكتئب بينما يتقبله الآخر بصورة ايجابية فيصنع من المحنة منحة وذلك لأن الآخر نظر إلى الجانب الايجابي من القصة ولإنه مؤمن بفكرة أن كل شيء في حياتنا يحمل الجانبان الايجابي والسلبي وإن تغيير نظرتنا للأمور كاف لقلب كفة الميزان لصالحنا.
كما هو الحال مع نيلسون مانديلا الذي تجاوز ما يقرب من ثلاثة عقود في السجن ليصبح بعد خروجه من السجن رئيسًا لجنوب أفريقيا، والذي كتب عن السجن بعد خروجه: "السجن بحد ذاته هو تعليم هائل يحتاج إلى الصبر والمثابرة، إنه اختبار لالتزام الفرد، أحد الأشياء التي جعلتني أتوق للعودة إلى السجن هو أنّ فرصة القراءة والتفكير والتأمل الهادئ بعد إطلاق سراحي كانت ضئيلة للغاية"
ماهو الفرق بين تغيير المشاعر وتغيير الافكار؟
كثير منا بفترة ما وبعد أن اكتشفنا إن المشاعر السلبية هي السبب بجذب الأحداث السلبية لحياتنا قمنا بتجاهل أساس المشاعر وهي الأفكار والمعتقدات وبدأنا بمحاولة تغيير مشاعرنا ولكن للأسف هذا التغيير لا يستمر كثيرا ًويحتاج أيضاً الكثير من الجهد للمحافظة على بقاءه . لأنه مجرد تغيير سطحي وغير مبني على أساسات متينة، فمثلا اذا كنت تعتقد أن كل المشاكل والظروف الصعبة التي تمر بها سببها نحس وسوء حظ وعقاب من الله فلن تستطيع تقبل ماتمر به حتى لو قررت أن تكون ايجابياً وخدعت نفسك من الخارج فالداخل يقول غير ذلك وإذا كنت تعتقد إن الحياة صعبة وغير عادلة فلن تستطيع ان تكون سعيداً مهما بذلت من الجهد لأنك بالداخل غير راض عن حياتك.
حاول أيضاً أن تراجع أفكارك ومعتقداتك السلبية حول أكثر الأمور التي تعترضك المشاكل فيها، مثلاً اذا كان لديك مشاكل دائمة بالحصول على المال عليك أن تراجع معتقداتك حوله . هل أنت ترى المال شيء فاسد أو سيء؟ هل تعتقد إن الفقراء أفضل من الأغنياء وأن الأغنياء فاسدين وجشعين؟ غالباً ماتكون هذه القناعات في العقل اللاواعي لدينا فهي تزرع فينا بلاوعي من خلال ما نشاهده في الأفلام والمسلسلات ومانسمعه يومياً فتتركز في أذهاننا مع الوقت.
كيف تؤثر أفكارنا ومعتقداتنا على علاقتنا بالآخرين؟
الأفكار تؤثر على العلاقات مع الآخرين بشكل كبير فإذا قابلت شخص يتعامل مع الآخرين باستسهزاء أو أي تعامل سيء تأكد إنه يحمل الكثير من المعتقدات والأفكار العدوانية التي يجب أن يعمل على تفكيفها والتحرر منها، قد يكون لديه إعتقاد بإن الطيبة ضعف وان الناس لا تأتي إلا بالعين الحمرا أو بالدعس الخ...وللأسف منهم من يتعامل مع زوجته وعائلته بنفس الطريقة فيتصرف معهم بقسوة وأنانية لأنه يخشى من فقدان السيطرة عليهم والتي تعني له فقدان قيمته فهو يرى قيمته ووجوده من خلال تعظيم الآخرين له و خوفهم منه..
في مجتمعاتنا للأسف يوجد الكثير من البرمجيات والمعتقدات التي أثرت على حياتنا بشكل سلبي ولعقود طويلة.. سواء فيما يخص المال أو التعامل مع المرأة أو الخ . بشكل عام أي تطرف في أي موضوع يكون سببه إما معتقد سلبي أو فكرة سلبية معينة تحث على التصرفات المتطرفة . لذا من الضروري أن ننظف أفكارنا و معتقداتنا الخاطئة وأن نتوقف عن زرعها في عقول أطفالنا بل نسعى قدر الإمكان للحفاظ على الفطرة الحقيقية التي خلقوا عليها.. فلو سألنا طفل حول أي موضوع فسيجيبك بإجابة واضحة وحقيقية وخالية من الكذب والنفاق وذلك لأنهم مازالوا يرون الحياة بحقيقتها وبساطتها ومن دون فلاتر.
كيف نستطيع التخلص من أفكارنا ومعتقداتنا السلبية ؟
( المعتقدات هو أي شيء نقول ببدايته أنا أعتقد .. أنا أعتقد إني شخص كئيب .. أنا أعتقد أن حياتي تعيسة.. الخ) وهناك طريقة تساعد في تدمير المعتقدات السلبية من الجذور وهي أن تحاول ان تعرف مصدر هذا المعتقد وتثبت لنفسك إنه غير صحيح وتعمل على تغييره ويكون ذلك من خلال أسئلة تسألها لنفسك حول هذا المعتقد أو هذه الفكرة،
مثلاً اذا كنت تعتقد إنك شخص غير محظوظ إبدأ بسؤال نفسك هل أنا فعلاً غير محظوظ؟ وماالذي جعلني افكر بذلك؟ منذ متى بدأت أرى نفسي غير محظوظ؟ ومن ثم تتذكر عدة مواقف في حياتك تثبت عكس هذا المعتقد.. مثلاً أن تتذكر مواقف كنت محظوظ فيها في حياتك لتساعد نفسك في التحرر من هذه الفكرة وتبدأ بتبديل هذا المعتقد بمعتقد آخر ينفعك ..
طريقة أخرى شرحها الدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله:
١-أكتب الاعتقاد السلبي الذي تريد التخلص منه
٢- أكتب خمس أسباب لماذا تريد التخلص منه
٣-أكتب الاعتقاد الإيجابي الذي تريده
٤- أكتب خمس أسباب لماذا تريده
٥- أغمض عينيك وخذ نفس عميق وفكر في المعتقد السلبي، فكر كيف ستكون حياتك اذا استمريت لعدة سنوات بهذا الاعتقاد وكيف سيكون تاثيره السلبي على حياتك وعلى نظرة الناس اليك ونظرتك لنفسك
٦ - ارجع للوقت الحاضر وخذ نفس عميق واحمد الله إنك لم تستمر به لكل هذه السنين
٧- فكر بالاعتقاد الإيجابي وكيف سيعمل على تحسين حياتك على كافة الجوانب وفكر كيف ستتحسن حياتك في كافة الجوانب مع مرور الوقت
٨- عد للوقت الحاضر وخذ نفس عميق وفكر أي معتقد سوف تختار من بينهما
هذا سيساعدك كثيراً على رؤية الصورة بشكل أوضح ومن كل الجوانب
أخيراً حاول أن تختار كل صباح نوع الأفكار التي تريدها والتي تدعم حياتك وتطورك وأعمل على إلغاء كل فكرة سلبية لا تخدمك وتذكر دائماً إن الأفكار التي يتبناها عقلك هي مأخوذة من أحداث وتجارب من الماضي بينما نحن في كل يوم لدينا حياة جديدة بفرص وتجارب جديدة فلنختار لحياتنا كل ماهو أفضل سواء أفكار أو أفعال أو كلمات.
بشرى علي
اتقدم بي الشكر اخي وجدي ولي مدونتك الجميله ويكون جمالها في التنسيق الجميل جدا لي الوصول الي محتوى هادف من كل قلبي ارسل لك حبي وامتناني
ردحذفشكراً أخي الكريم ، كلماتك الجميلة تساعدنا على الاستمرار
حذف